فضل يوم القر.. أعظم أيام الدنيا بعد النحر والتشريق

فضل يوم القر
كتب بواسطة: هنادي أحمد | نشر في 

في أيام العشر الأوائل من ذي الحجة تتضاعف الحسنات وتُفتح أبواب السماء لاستقبال الدعوات، ويأتي يوم النحر ليكون أعظم أيام الدنيا كما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يليه مباشرة يوم القرّ، الذي قلّما يُسلط عليه الضوء، رغم مكانته العظيمة في ميزان الشريعة وفضله الذي اختصه الله به بين بقية أيام السنة. فماذا نعرف عن يوم القر؟ ولماذا اعتبره العلماء من أفضل أيام التشريق؟، ونرصد خلال هذا المقال فضل يوم القر بشيء من التفصيل.

ما هو يوم القر؟

يوم القرّ هو اليوم الحادي عشر من شهر ذي الحجة، وهو أول أيام التشريق الثلاثة، ويُسمى بهذا الاسم لأن الحجاج يقرّون فيه بمكانهم بمنى بعد انقضاء يوم النحر، فلا يكون فيه انتقال أو تحرك كبير، فيقرّون للراحة والتعبد والمبيت بعد أدائهم مناسك عظيمة في يوم العيد.

وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "يوم القرّ هو ثاني أعظم الأيام عند الله بعد يوم النحر."

اقرأ أيضا 

احتجاج الوحدة على النصر

أصل التسمية والمعنى اللغوي

في اللغة العربية، "القرّ" يعني الاستقرار والسكون، وسُمي بذلك لأن الحجاج يستقرون فيه بعد عناء النحر والطواف والرمي، فيبقى الحاج بمنى لأداء ما تبقى من المناسك كالرمي أيام التشريق، وهو يوم راحة جسدية وروحية، وتفكر، وشكر لله على أداء الشعائر.

فضل يوم القر في السنة النبوية

وردت أحاديث نبوية وآثار كثيرة في فضل يوم القر، منها ما رواه عبد الله بن قرط رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القرّ" رواه أبو داود وصححه الألباني.

وهذا الحديث يبيّن أن يوم القر يحتل المرتبة الثانية مباشرة بعد يوم الأضحى في الفضل والمكانة، ويستحب فيه الإكثار من الأعمال الصالحة والطاعات، كذكر الله، والدعاء، والصلاة، وقراءة القرآن.

أفضل الأعمال في يوم القر

رغم أنه لا يشتهر كغيره من الأيام، إلا أن يوم القر يعدّ فرصة ذهبية لتعظيم العبادة، ومن أهم الأعمال المستحبة فيه:

1. ذكر الله تعالى

قال الله عز وجل: "واذكروا الله في أيام معدودات" [البقرة: 203]

وقد فسّر جمهور العلماء الأيام المعدودات بأنها أيام التشريق، وعلى رأسها يوم القر.

2. الدعاء والاستغفار

هو يوم يستحب فيه التوجه إلى الله بالدعاء، خاصة لمن لم تتح له فرصة الحج، فهو يوم تُرجى فيه إجابة الدعوات.

3. التكبير المطلق والمقيد

يُسنّ التكبير عقب الصلوات الخمس بدءًا من فجر يوم عرفة وحتى عصر آخر أيام التشريق.

4. شكر النعمة

هو يوم للشكر على تمام النسك، كما قال تعالى: "ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق" [الحج: 29]

فالشكر يكون بالقلب واللسان والعمل.

الفرق بين يوم القر وبقية أيام التشريق

تتميز أيام التشريق كلها بالفضل والذكر، إلا أن يوم القر ينفرد بخصوصية واضحة:

1- هو اليوم الذي يستقر فيه الحاج بعد أداء أهم أركان الحج.

2- هو يوم راحة جسدية بعد أعظم المشاق.

3- أكثر أيام التشريق اجتماعًا للناس في منى.

4- أعظمها منزلة بعد يوم النحر بشهادة الحديث الشريف.

آراء العلماء في يوم القر

أجمعت المذاهب الفقهية الأربعة على فضل هذا اليوم، وأنه يوم عظيم من أيام الذكر والطاعة. واعتبره بعض أهل العلم مثل الإمام النووي من الأيام التي يُسن فيها الصيام لغير الحاج، مع أنه من أيام التشريق التي ينهى عن صيامها للحاج.

كما قال ابن رجب الحنبلي: "هو يوم ذكر وطمأنينة وعبادة، وهو ثاني أعظم الأيام، فينبغي أن يُغتنم كما يُغتنم يوم عرفة."

يوم القر

الحج رحلة مشقة وسكينة، ويوم القر يُعد من المحطات التي يمنح فيها الإسلام للإنسان فرصة لإعادة ترتيب قلبه وعقيدته وعلاقته بالله. فهو:

1- يوم للسكينة والتأمل بعد العطاء.

2- يوم لتجديد النية بعد الأداء.

3- يوم للثبات على العهد الذي قطعه المسلم في المشاعر المقدسة.

أما لغير الحجاج، فهو يوم للتعبد، وتكرار الذكر، ومتابعة المشاعر بالدعاء والارتباط الروحي مع أهل الحج، وهو يوم تتنزل فيه رحمات عظيمة كما قال أهل السلف.

الأثر الاجتماعي والديني ليوم القر

يوم القر يربط بين الناس جميعًا، حجّاجًا كانوا أو غير ذلك، بوحدة الشعائر وتوحيد المقاصد. فيجتمع الناس في المساجد بالتكبير، وتتقارب القلوب بالدعاء، ويستمر الإحساس العام بالعيد والسكينة، مما يعزز الألفة والتواصل الاجتماعي في جو إيماني فريد.

من دروس يوم القر

- أهمية الاستقرار بعد الإنجاز: هو درس في أن التروي بعد الجهد عبادة.

- السكينة روح العبادة: فلا يُشترط الجهد البدني المستمر، بل قد يكون السكون مقرّبًا لله.

- الإكثار من الذكر: لأن هذه الأيام لا تُعوّض، وقد ورد عن النبي: "ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر"

هل يُصام يوم القر؟

أيام التشريق، ومنها يوم القر، نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيامها للحاج، لكونها أيام أكل وشرب وذكر. أما غير الحجاج، فذهب بعض العلماء إلى أنه لا بأس بصيامها إن وُجد سبب شرعي كقضاء أو نذر، لكن الأفضل ترك صيامها والاكتفاء بالأعمال الأخرى.

الاستعداد ليوم القر

إذا كنت من الحجاج، فاستعد ليوم القر كالتالي:

1- راجع مناسك الرمي ليومي 11 و12.

2- خذ قسطًا من الراحة لتجدد نشاطك.

3- اغتنم الساعات في الذكر والدعاء.

أما لغير الحجاج:

1- صلِّ في وقتك وأكثر من التكبير بعد الصلاة.

2- اجعل لسانك رطبًا بذكر الله.

3- استغل الوقت في القرآن، والدعاء لنفسك وللمسلمين.

فضل يوم القر

يوم القر هو اليوم الحادي عشر من شهر ذي الحجة، ويُعد أول أيام التشريق الثلاثة، وقد سُمّي بذلك لأن الحُجّاج يقرّون فيه بمنى بعد أداء مناسك يوم النحر، أي يستقرون ويقيمون فيه، ولا يكون فيه تنقل كثير.

من فضائل يوم القر

1- ثاني أعظم الأيام عند الله بعد يوم النحر:

روى عبد الله بن قرط رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر" (رواه أبو داود وصححه الألباني).

2- من أيام الذكر والعبادة:

قال تعالى: "واذكروا الله في أيام معدودات" [البقرة: 203] والمقصود بالأيام المعدودات: أيام التشريق، وأولها يوم القر.

3- يوم تتنزل فيه الرحمة والسكينة:

بعد أداء أعظم مناسك الحج في يوم النحر، يأتي يوم القر ليمنح الحاج فرصة للتأمل والشكر والذكر، وتثبيت النية على الاستقامة بعد إتمام الشعائر.

4- لا توجد فيه مشقة التنقل:

بخلاف يوم عرفة والنحر، يقرّ فيه الحاج في منى دون انتقال بين المشاعر، فيتفرغ للذكر والدعاء والراحة التعبدية.

فضل يوم القر لغير الحاج

فضل يوم القر لا يقتصر على الحجاج فقط، بل يمتد لغير الحجاج أيضًا، فهو يوم من أيام العشر المباركة، بل من أيام التشريق التي عظّمها الله.

من أوجه فضل هذا اليوم لغير الحاج

1- يوم ذكر وشكر:

ورد في تفسير الآية: "واذكروا الله في أيام معدودات"

أن المقصود بها غير الحجاج أيضًا، فيُستحب الإكثار فيه من التكبير بعد الصلوات، والدعاء وذكر الله عمومًا.

2- فرصة روحية عظيمة:

هو يوم يُكثر فيه المسلم من الطاعات، فينال من الفضل والأجر ما يوازي مشاركته في هذه الأيام المباركة، خاصة أن أبواب الرحمة لا تُغلق، وموسم العشر ما زال ممتدًا.

3- الاجتماع على العبادة:

فيُستحب فيه أداء الصلاة في جماعة، وذكر الله جماعيًا، ما يرسّخ الجانب الاجتماعي في العبادة.

4- صلة روحية بالحجاج:

هو يوم يعمّ فيه الخير والبركة، ويشترك فيه المسلمون بالحسّ الإيماني، بالدعاء للحجاج، وشكر الله على النعم، وكأن الأمة كلها تعيش موسم الطاعة مجتمعين.

وفي كل الأحوال، يوم القر هو فرصة للمسلم –حاجًا أو غير حاج– ليغتنم الوقت في الذكر والطاعات، ويثبت قدمه على طريق الصلاح والاستقامة، فهو من أعظم أيام الدنيا بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم.

الأسئلة الشائعة 

1. ما هو يوم القر ومتى يكون؟

يوم القر هو اليوم الحادي عشر من شهر ذي الحجة، ويأتي مباشرة بعد يوم النحر (العاشر من ذي الحجة). وهو أول أيام التشريق الثلاثة التي يقيم فيها الحجاج بمنى، ويُكثرون من الذكر والدعاء.

2. لماذا سُمّي يوم القر بهذا الاسم؟

سُمّي بهذا الاسم لأن الحجاج يقرّون فيه بمنى، أي يستقرون ولا يتنقلون بين المشاعر كما في الأيام السابقة (عرفة والنحر)، فيتفرغون فيه للراحة والعبادة.

3. هل هناك فضل خاص ليوم القر لغير الحجاج؟

نعم، يُستحب لغير الحاج في يوم القر الإكثار من الذكر والدعاء والتكبير بعد الصلوات، لأنه من أيام التشريق المباركة التي قال الله عنها: "واذكروا الله في أيام معدودات"، وهي أيام عظيمة في الأجر.

4. ما هي أبرز العبادات المستحبة في يوم القر؟

من العبادات المستحبة:

- التكبير بعد الصلوات المفروضة.

- الدعاء والاستغفار.

- ذبح الأضحية لمن لم يذبح بعد.

- صلة الرحم وإدخال السرور على المسلمين.

- قراءة القرآن والصدقة.

 

يوم القرّ ليس فقط يومًا من أيام التشريق، بل هو محطة إيمانية متميزة، أكرمها الله بمكانة فريدة في الإسلام، فهو يوم الاستقرار والسكينة، والعمل والذكر، والشكر والدعاء. لا ينبغي أن يمر مرور الكرام، سواء كنت حاجًا أو في بلدك، فهو فرصة عظيمة للاقتراب من الله، واستغلال لحظات معدودة في ميزان الزمن، لكنها عظيمة في ميزان الآخرة، فلنغتنم يوم القر، ولنجعل منه موعدًا مع التقوى والسكينة، وعهدًا جديدًا مع الله لا يُنسى.

الرئيسية | من نحن | تواصل معنا | اتفاقية الاستخدام | سياسة الخصوصية