مواقع التراث العالمي في السعودية المسجلة في اليونسكو

مواقع التراث العالمي في السعودية
كتب بواسطة: أيمن القريشاب | نشر في 

منذ انضمامها المبكر إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" عام 1945، أولت المملكة العربية السعودية اهتمامًا بالغًا بالحفاظ على إرثها الثقافي والبيئي.

وقد تُوج هذا الاهتمام بتسجيل ثمانية مواقع بارزة ضمن قائمة مواقع التراث العالمي في السعودية المسجلة في اليونسكو، لتصبح المملكة نموذجًا عالميًا في صون التراث وتوثيق الحضارات.

يمتد هذا التنوع بين مواقع أثرية، بيئية، وثقافية تمثل حضارات عربية قديمة، وتجارب إنسانية عظيمة، تمتد من العصور الحجرية إلى العصر الإسلامي الحديث.

ما هي مواقع التراث العالمي؟ وما أهمية تسجيلها في اليونسكو؟

تُعرف مواقع التراث العالمي بأنها تلك المواقع الثقافية أو الطبيعية التي تتمتع بـ"قيمة عالمية استثنائية"، وفقًا لتعريف منظمة اليونسكو.

ويمنح إدراج موقع ما في هذه القائمة حماية دولية واهتمامًا علميًا وسياحيًا، بالإضافة إلى تسليط الضوء عليه كجزء من تراث الإنسانية جمعاء.

إن إدراج مواقع التراث العالمي في السعودية المسجلة في اليونسكو يُعد اعترافًا عالميًا بمكانة المملكة كحاضنة لحضارات عظيمة تركت بصماتها في التاريخ البشري.

مدائن صالح (الحجر): بداية الحكاية السعودية في قائمة التراث العالمي

في عام 2008، أُدرج موقع الحجر، أو ما يُعرف بـ"مدائن صالح"، كأول موقع سعودي في قائمة التراث العالمي.

يعود تاريخ هذا الموقع إلى حضارة الأنباط، ويقع في محافظة العُلا، شمال غرب المملكة.

يتميز الموقع بمقابر صخرية ضخمة محفورة بدقة متناهية في الجبال، وتُعد شاهدة على براعة الأنباط في العمارة والهندسة الهيدرولوجية.

يضم أكثر من 100 مقبرة، منها ما يعود للقرن الأول قبل الميلاد، وتزينها نقوش وزخارف تدل على تطور مذهل في فنون الدفن والعقيدة الدينية آنذاك.

حي الطريف بالدرعية: مهد الدولة السعودية الأولى

في عام 2010، دخل حي الطريف في قلب الدرعية التاريخية ضمن قائمة مواقع التراث العالمي.

يشتهر الحي بطرازه النجدي الأصيل، ويُعد المركز السياسي والديني الذي انطلقت منه الدولة السعودية الأولى في القرن الثامن عشر.

يحتضن الحي عددًا من القصور والمساجد والمجالس المبنية من الطين، تعكس تمازج العمارة النجدية مع عناصر البيئة المحلية.

وقد أعيد ترميمه ليصبح متحفًا مفتوحًا يروي قصة السعودية الحديثة.

جدة التاريخية (البلد): لؤلؤة البحر الأحمر وميناء الحجاج

في 2014، تم اعتماد "جدة التاريخية" ضمن مواقع التراث العالمي، تقديرًا لدورها كميناء أساسي للتجار والحجاج منذ القرن السابع الميلادي.

وكانت بوابة رئيسية للقادمين إلى مكة عبر البحر.

المنطقة المعروفة بـ"البلد" تضم مباني شاهقة من الحجر المرجاني، وأسواقًا تراثية، ومنازل ذات طراز معماري فريد، أبرزها بيت نصيف وبيت البغدادي.

تعكس جدة تاريخًا ثريًا يتقاطع فيه الديني بالتجاري، والثقافي بالعمراني.

 

إقرأ أيضاً:  اليونسكو تختار المدينة المنورة كعاصمة عالمية للتعلم

الفنون الصخرية في منطقة حائل: رسائل التاريخ المنقوشة

في عام 2015، تم تسجيل "الفنون الصخرية في جبة والشويمس" بمنطقة حائل، ضمن مواقع التراث العالمي في السعودية المسجلة في اليونسكو.

الموقعان يحويان آلاف النقوش والرسومات الصخرية التي تصور مشاهد الصيد والرقص والتعبد والحيوانات، تعود لأكثر من 10 آلاف سنة.

هذه الرسومات تقدم أدلة لا تُقدر بثمن عن حياة المجتمعات القديمة في صحراء النفود، وتُعد متحفًا طبيعيًا مفتوحًا لفنون الإنسان الأول في الجزيرة العربية.

 

مواقع_التراث_العالمي_في_السعودية_المسجلة_في_اليونسكو

 

واحة الأحساء: صلة خضراء بين التاريخ والإنسان

تُعتبر واحة الأحساء، المُدرجة في قائمة التراث العالمي منذ عام 2018، واحدة من أكبر الواحات الزراعية في العالم.

تقع في شرق المملكة، وتضم أكثر من 2.5 مليون نخلة، إضافة إلى ينابيع ماء طبيعية، وبحيرات، ومزارع تمتد لأجيال.

لكن ليست الزراعة وحدها ما يميز الأحساء؛ بل أيضًا القصور التاريخية، والعيون، والمباني التقليدية التي تعكس تاريخ استيطان الإنسان واستغلاله للماء في بيئة صحراوية شديدة القسوة.

 

مواقع_التراث_العالمي_في_السعودية_المسجلة_في_اليونسكو

 

 

منطقة حمى الثقافية: كنز من النقوش والكتابات القديمة

في عام 2021، أُدرجت منطقة حمى الثقافية جنوب غرب المملكة، ضمن قائمة مواقع التراث العالمي في السعودية المسجلة في اليونسكو.

تضم هذه المنطقة أكثر من 34 موقعًا تحوي نقوشًا صخرية بعدة خطوط عربية قديمة، كالثمودي والمسند والنبطي.

كانت حمى محطة مهمة على طريق القوافل القديم، وتتميز بوجود بئر حمى التاريخية التي يعود استخدامها لأكثر من 3 آلاف عام.

إن هذه النقوش ليست فقط زخارف، بل هي وثائق لحياة اجتماعية واقتصادية متكاملة عبر العصور.

 

مواقع_التراث_العالمي_في_السعودية_المسجلة_في_اليونسكو

 

محمية عروق بني معارض: تراث بيئي وتنوع بيولوجي نادر

في عام 2023، أدرجت "محمية عروق بني معارض" كموقع طبيعي يعكس التوازن البيئي والتنوع البيولوجي في الجزيرة العربية.

تقع هذه المحمية في صحراء الربع الخالي، وتضم أنواعًا نادرة من النباتات والحيوانات، أبرزها المها العربي والغزال الرملي.

لا تقتصر أهمية المحمية على تنوعها الطبيعي، بل تشمل أيضًا قيمتها الثقافية، إذ كانت ممراً للقوافل وتجمعات بشرية بدائية، تُظهر العلاقة المعقدة بين الإنسان والصحراء.

 

مواقع_التراث_العالمي_في_السعودية_المسجلة_في_اليونسكو

 

المنظر الثقافي للفـاو: مدينة تاريخية في قلب الصحراء

أُدرج "المنظر الثقافي لمنطقة الفاو الأثرية" في قائمة التراث العالمي عام 2024.

ويقع هذا الموقع الأثري في جنوب الرياض، وكان عاصمة مملكة كندة في العصر الجاهلي.

يحتوي الموقع على بقايا معمارية متطورة، كالآبار، والقنوات، والمباني متعددة الطوابق.

كما يحتوي على عدد من النقوش التي توثق الحياة الاقتصادية والاجتماعية والدينية في تلك الحقبة.

 

مواقع_التراث_العالمي_في_السعودية_المسجلة_في_اليونسكو

 

 

المسؤولية الوطنية في الحفاظ على مواقع التراث العالمي

تُمثل مواقع التراث العالمي في السعودية المسجلة في اليونسكو مسؤولية وطنية لا تقتصر على الجهات الحكومية، بل تشمل أيضًا المجتمع المحلي، والقطاع الخاص، والزوار.

وقد أطلقت المملكة عدة مبادرات للحفاظ على هذه المواقع من التعدي والتدهور، ولتمكينها اقتصاديًا من خلال السياحة المستدامة.

كيف تعزز المملكة مكانتها عالميًا من خلال مواقع التراث؟

  • الاستثمار في الترميم والتوثيق

  • تعزيز السياحة الثقافية

  • برامج توعية في المدارس والمجتمع

  • تعاون دولي مع خبراء اليونسكو

كل ذلك يجعل من مواقع التراث العالمي في السعودية المسجلة في اليونسكو جسرًا بين الماضي والمستقبل.

الأسئلة الشائعة حول مواقع التراث العالمي في السعودية المسجلة في اليونسكو

ما هي مواقع التراث العالمي في السعودية المسجلة في اليونسكو؟

هي ثمانية مواقع تم تسجيلها من قبل اليونسكو لتاريخها الثقافي أو الطبيعي الاستثنائي، تشمل مدائن صالح، حي الطريف، جدة التاريخية، واحة الأحساء، وغيرها.

ما هو أول موقع سعودي سُجل ضمن قائمة التراث العالمي؟

مدائن صالح (الحجر) هو أول موقع سعودي أُدرج في قائمة اليونسكو عام 2008.

 

كم عدد مواقع التراث العالمي في السعودية حتى 2024؟

تم تسجيل ثمانية مواقع سعودية ضمن قائمة التراث العالمي في اليونسكو حتى عام 2024.

 

ما أهمية تسجيل المواقع السعودية في قائمة اليونسكو؟

يعزز التسجيل من الحماية الدولية لهذه المواقع، ويُروج لها عالميًا كوجهات سياحية وثقافية، ويُعترف بقيمتها للتراث الإنساني.

 

هل تشمل المواقع التراثية في السعودية مواقع طبيعية؟

نعم، مثل محمية عروق بني معارض، وهي موقع طبيعي يعكس التنوع البيئي الفريد في المملكة.

ما هي أبرز مميزات واحة الأحساء؟

تُعد أكبر واحة نخيل في العالم، وتجمع بين الزراعة التقليدية، والآثار التاريخية، والنظم المائية القديمة.

هل جدة التاريخية لا تزال مأهولة؟

نعم، ولا تزال تحتفظ بأصالتها العمرانية، وهي وجهة سياحية وثقافية بارزة على ساحل البحر الأحمر.

هل يمكن زيارة مواقع التراث العالمي في السعودية؟

نعم، معظم المواقع مفتوحة للزوار ضمن برامج سياحية منظمة، مع مراعاة قوانين الحماية والصيانة.

كيف تدعم السعودية مواقعها المدرجة في اليونسكو؟

من خلال مشاريع الترميم، وتطوير البنية التحتية، وتعزيز الوعي المجتمعي، والتعاون مع اليونسكو وخبراء التراث.

 

خلاصة: مواقع التراث في السعودية هي شواهد تاريخية على تفرد حضاري وإنساني

من خلال هذه المواقع الثمانية، تروي المملكة العربية السعودية قصص حضارات متعددة تعاقبت على أرضها.

وتمثل هذه المواقع التراثية جسورًا بين الماضي والحاضر، وبين الإنسان وبيئته، وتُعد مصدر فخر ثقافي، ووجهة سياحية عالمية تستحق الاستكشاف.

ولهذا فإن المملكة، عبر هذه المواقع، لا تروي فقط قصتها، بل قصة الإنسان العربي الأول، الذي بنى، وزرع، ونقش، وترك أثرًا خالدًا في قلب الأرض.

الرئيسية | من نحن | تواصل معنا | اتفاقية الاستخدام | سياسة الخصوصية